التفكير المستقيم والتفكير الأعوج
وعدتكم بنزهة في كتب تخاطب العقول واليوم أفي بوعدي لأقدم لكم كتاب التفكير المستقيم والتفكير الأعوج تأليف: روبرت هـ. ثاولس ترجمة: حسن سعيد الكرمي
و اخترت لكم مقتطف من فاتحة الكتاب في فصله الأول الذي عنونه المؤلف بـ ( طرق مختلفة في استخدام اللغة )
إن استخدام الكلمات التي من أمثال : ( خبيث و رديء و جيد و جميل و بشع ) لا تدل إلا على رد الفعل الانفعالي عند المتحدث إزاء أعمال أو أشياء معينة ، وليست تعبيرا عن صفات أو خواص لتلك الأعمال أو الأشياء نفسها.
فعندما تشهد رجل يقوم بتصرف ما قد تصفه بأنه خبيث أو خسيس كردة فعل لحاجة في نفسك تجاه ذلك الرجل بينما لو تصرف رجل آخر نفس التصرف لأعتبرته أمرا عاديا
بخلاف عندا نشاهدنا رجلا يقوم بعمل خسيس أو أناني وقلنا عن هذا العمل أنه ردي فإننا ولا شك نقصد أن نقول شيئا عن العمل نفسه لا أن نعبر فقط عن إحساسنا وشعورنا نحوه.
متى ما أدركنا هذا الفرق القائم بين استعمال الكلمات استعمالا واقعيا واستعمالها استعمالا انفعاليا لاحظنا أن الكلمات التي تنطوي على إيحاء شديد نوعا ما بوجود مواقف انفعالية شائعة جدا وهي تستعمل في مناقشة مشكلات متنازع عليها كمشكلات السياسة والأخلاق والدين. وهذا الوضع هو سبب من الأسباب التي تجعل الناس مهما طال جدالهم ومباحثاتهم حول هذه المشكلات لا يقتربون كثيرا من الوصول إلى حلول معقولة لها.
العدوان عند الذئاب لا يدوم بقدر ما يدوم العدوان عند الإنسان ، فالذئاب تتقاتل بكل شراسة ولكن إذا تقاتل ذئبان ورأى أحدهما أنه مغلوب ولا محالة فانه يقوم في الحال بإجراء حركات استرضائية وينتهي القتال. وليس من العادة أن يستمر القتال حتى الموت السبب في ذلك أن الذئب إنما يقاتل فحسب ، ولا يتحدث عن قتاله فيما بعد للذئاب الأخرى ولا لنفسه ، وليس لديه لغة مشحونة بالانفعالات يستطيع بواسطتها أن يبقي دوافعه العدوانية ناشطة فعالة حتى بعد أن يكون السبب المباشر للعدوان قد انقضى .
تقبلوا تحيتي
|