العودة   ::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها > المجالس الأدبية > مجلس النثر والخواطر
 

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 08-05-2008, 09:17 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
الصورة الرمزية مـسـك
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

مـسـك غير متواجد حالياً


افتراضي مقامات بديع الزمان الهمذاني

[align=right]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مختارات من مقامات بديع الزمان الهمذاني

المقامه المطلبيه


َحدَّثَنا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: اجْتَمَعْتُ يَوْماً بِجَماعَةٍ كَأَنَّهُمْ زَهْرُ الرَّبِيعِ، أَوْ نُجُومُ اللَّيْلِ بَعْدَ هَزِيعٍ، بِوُجُوهٍ مُضِيَّةٍ، وَأَخْلاقٍ رَضِيَّةٍ، قَدْ تَنَاسَبُوا فِي الزِّيِّ وَالحَالِ، وَتَشَابَهُوا في حُسْنِ الأَحْوَالِ، فَأَخَذْنَا نَتَجَاذَبُ أَذْيَالَ المُذَاكَرَةِ، وَنَفْتَحُ أَبْوابَ المُحَاضَرَةٍ، وَفِي وَسَطِنَا شَابٌّ قَصِيرٌ مِنْ بَيْنِ الرِّجَالِ، مَحْفُوفُ السِّبَالِ، لا يَنْبِسُ بِحَرْفٍ، وَلا يَخُوضُ مَعَنا في وَصْفٍ، حَتَّى انْتَهَى بِنَا الكَلاَمُ إِلَى مَدْحِ الغِنَى وَأَهْلِهِ، وَذِكْرِ المَالِ وَفَضْلِهِ، وَأَنَّهُ زِينَةُ الرِّجَالِ، وَغَايَةُ الكَمَال، فَكَأَنَّمَا هَبَّ مِنْ رَقْدَةٍ، أَوْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَةٍ، وَفَتَحَ دِيوَانَهُ، وَأَطْلَقَ لِسَانَهُ، فَقَالَ: صَهْ لقَدْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيئٍ عَدِمْتُمُوهُ، وَقَصَّرْتُمْ عَنْ طَلَبِهِ فَهَجَّنْتُمُوهُ، وَخُدِعْتُمْ عَنْ البَاقِي بِالفَانِي، وَشُغِلْتُمْ عَنْ النَّائِي بِالدَّانِي، هَلْ الدُّنْيَا إِلاَّ مُنَاخُ رَاكِبٍ، وَتَعِلَّةُ ذَاهِبٍ؟ وَهَلْ المَالُ إِلاَّ عَارِيَةٌ مُرْتَجَعَةٌ، وَوَدِيعَةٌ مُنْتزَعَةٌ؟ يُنْقَلُ مِنْ قَوْمٍ إِلَى آخَرِينَ، وَتَخْزُنُهُ الأَوَائِلُ لِلآخِرِينَ، هَلْ تَرَوْنَ المَالَ إِلاَّ عِنْدَ البُخَلاَءِ، دُوَنَ الكُرَماءِ، وَالجُهَّالِ دُونَ العُلَمَاءِ؟ إِيَّاكُمْ وَالانْخِدَاعَ فَلَيْسَ الفَخْرُ إِلاَّ في إِحْدَى الجِهَتَيْنِ، وَلا التَّقَدُّمُ إِلاَّ بِإِحْدَى القِسْمَتَيْنِ: إِمَّا نَسَبٌ شَرِيفٌ، أَوْ عِلْمٌ مُنَيفٌ، وَأَكْرِمْ بِشَيءٍ يُحْمَلُ عَلى الرُّؤُوسِ حَامِلُهُ، وَلا يَيْأَسُ مِنْهُ آمِلُهُ، وَاللهِ لَوْلاَ صِيَانَةُ النَّفْسِ وَالعِرْضِ، لَكُنْتُ أَغْنَى أَهْلِ الأَرْضِ، لأَنَّنِي أَعْرِفُ مَطْلَبَيْنِ، أَحَدُهُمَا بِأَرْضِ طَرْسُوسَ، تَشْرَهُ فِيهِ النُّفُوسُ، مِنْ ذَخَائِرِ العَمَالِقَةِ، وَخَبَايَا البَطارِقَةِ، فِيهِ مَائَةُ أَلْفِ مِثْقالٍ، وَأَمَّا الآخَرُ فَهْوَ مَا بَينَ سُورَا وَالجَامِعَيْنِ، فِيهِ مَا يَعُمُّ أَهْلَ الثَّقَلْينِ، مِنْ كُنُوزِ الأَكَاسِرَةِ، وَعُدَدِ الجَبَابِرَةِ، أَكْثَرُهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ، وَدُرُّ وَجَوْهَرٌ وَتِيجَانٌ مُرَصَّعَةٌ وَبِدَرٌ مُجَمَّعَةٌ فَلَمَّا أَنْ سَمِعْنَا ذَلِكَ أَقْبَلْنَا عَلَيْهِ وَمِلْنَا إِلَيْهِ، وَأَخَذْنَا نَسْتَعْجِز رَأَيَهُ، فِي القُنُوعِ بِيَسِيرِ المَكَاسِبِ، مَعَ أَنَّهُ عَارِفٌ بِهَذِهِ المَطَالِبِ، فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ يَفْزَعُ مِنْ السُّلْطانِ، وَلا يَثِقُ إِلى أَحَدٍ مِنَ الإِخْوَانِ، فَقُلْنَا لَهُ: قَدْ سَمِعْنَا حُجَّتُكَ، وَقَبِلْنَا مَعْذِرَتَكَ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُحْسِنَ إِلَيْنَا، وَتَمُنَّ عَلَيْنَا، وَتُعَرَّفْنَا أَحَدَ هَذَيْنِ المَطْلَبَيْنِ، عَلى أَنَّ لَكَ الثُّلُثَيْنِ؛ فَعَلْتَ، فَأمالَ إِلَيْنَا يَدَهُ، وَقَالَ: مَنْ قَدَّمَ شَيْئاً وَجَدَهُ، وَمَنْ عَرَفَ مَا يُنَالُ، هَانَ عَلَيْهِ بَذْلُ المَالِ، فَكُلٌّ مِنَّا حَبَاهُ بِما حَضَرَ، وَتَشَوَّقَ إِلى مَا ذَكَرَ، فَلَمَّا مَلأْنَا كَفَّهُ، رَفَعَ إِلَيْنَا طَرْفَهُ، وَقَالَ: لابُدَّ أَنْ يَقْضِيَ عَلَقاً، وَنَنَالُ مَا يُمْسِكُ رَمَقاً، وَقَدْ ضَاقَ وَقْتُنَا، وَالمَوْعِدُ غَداً هَاهُنَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.

قَالَ عِيسَى بْنُ هِشَامٍ: فَلَمَّا تَفَرَّقَتْ تِلْكَ الجَمَاعَةُ، قَعَدْتُ بَعْدَهُمْ سَاعَةً، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ، وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقُلْتُ وَقَدْ رَغِبْتُ في مَعْرِفَتِهِ، وَتَاقَتْ نَفْسِي إِلَى مُحَادَثَتِهِ: كَأَنَّنيِ عَارِفٌ بِنَسَبِكَ، وَقَدْ اجْتَمَعْتُ بِكَ! فَقَالَ: نَعَمْ ضَمَّنَا طَرِيقُ، وَأَنْتَ لِي رَفِيقٌ، فَقُلْتُ: قَدْ غَيَّرَكَ عَلَيَّ الزَّمَانُ، وَمَا أَنْسَانِيكَ إِلاَّ الشَّيْطَانُ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَنَا جَبَّـارُ الـزَّمَـانِ لِي مِنَ السُّخْفِ مَعَانِي
وَأَنَا المُنْفِقُ بَـعْـدَ المَالِ مِنْ كِيسِ الأَمَانِي
مَن أَرَادَ القَصْفَ وَالغَرْ فَ عَلَى عَزْفِ المَثَانِي
وَاصْطَفَى المُرْدَانَ جَهْلاً مِنْ فُـلاَنٍ وَفُـــلاَنِ
صَارَ مِنْ مَالٍ وَإِقْـبَلٍ تَـرَاهُ فِـي أَمَـانِ


المقامه العلميه


[align=center]
حَدَّثَنا عَيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: كُنْتُ فِي بَعْضِ مَطَارحِ الغُرْبَةِ مُجْتَازَاً، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يَقُولُ لآخَرَ: بِمَ أَدْرَكْتَ العِلْمَ؟ وَهُوَ يُجِيبُهُ، قَالَ: طَلَبْتُهُ فَوَجَدْتُهُ بَعِيدَ المَرَامِ، لا يُصْطَادُ بِالسِّهَامِ، وَلا يُقْسَمُ بالأَزْلامِ، وَلا يُرَى في المَنَامِ، وَلا يُضْبَطُ بِالِّلجَامِ، وَلا يُورَثُ عَنِ الأَعْمَامِ، وَلا يُسْتَعَارُ مِنَ الكِرَامِ، فَتَوَسَّلْتُ إِلَيْهِ بِافْتِرَاشِ المَدَرِ، وَاسْتِنَادِ الحَجَرِ، وَرَدِّ الضَّجَرِ، وَرُكُوبِ الخَطَرِ، وَإِدْمَانِ السَّهَرِ، وِاصْطِحَابِ السَّفَرِ، وَكَثْرةِ النَّظَرِ، وَإِعْمَالِ الفِكَرِ، فَوَجَدْتُهُ شَيْئاً لا يَصْلُحُ إِلاَّ لِلْغَرْسِ، وَلاَ يُغْرَسُ إِلاَّ بِالنَّفْسِ، وَصَيْداً لاَ يَقَعُ إِلاَّ فِي النَّدْرِ، وَلا يَنْشَبُ إِلاَّ فِي الصَّدْرِ، وَطَائِراً لا يَخْدَعُهُ إِلاَّ قَنَصُ الَّلفْظِ، وَلاَ يَعْلَقُهُ إِلاَّ شَرَكُ الحِفُظِ، فَحَمَلْتُهُ عَلى الرُّوحِ، وَحَبَسْتُهُ عَلى العَينِ. وَأَنْفَقْتُ مِنَ العَيْشِ، وَخَزَنْتُ فِي القَلْبِ، وَحَرَّرْتُ بِالدَّرْسِ، وَاسْتَرَحْتُ مِنَ النَّظَرِ إِلى التَّحْقِيقِ، وِمِنَ التَّحْقِيقِ إِلى التَّعْلِيقِ، وِاسْتَعَنْتُ فِي ذَلِكَ بِالتَّوْفِيقِ، فَسَمِعْتُ مِنَ الكَلامِ مَا فَتَقَ السَّمْعَ وَوَصَلَ إِلَى القَلْبِ وَتَغَلْغَلَ فِي الصَّدْرِ، فَقُلْتُ: يَا فَتَى، وَمِنْ أَيْنَ مَطْلَعُ هَذِهِ الشَّمْسِ؟ فَجَعَلَ يَقُولُ:


إِسْكَـنْـدَرِيَّةُ دَارِي *** لَوْ قَرَّ فِيهَا قَرَارِي

لكِنَّ بِالشَّامِ لَـيْلِـي *** وَبالْعِرَاقِ نَهارِي.
[/align]


احتراماتي وتحياتي
[/align]






التوقيع

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ذكرى الزمان ( أبيات رائعة والشيله أروع ) عبدالرحمن المسعودي مجلس الشيلات 7 05-08-2009 03:59 AM
بديع الزمان الهمذاني الثعلب مجلس النثر والخواطر 14 06-06-2008 03:48 AM
احاديث اخر الزمان أحـمد الهذلي المجلس العام 8 05-11-2008 05:57 PM
وصف بديع للجنة بكيفي اتحادي المجلس العام 6 08-29-2007 03:24 PM
مقالات في ماجد عبدالله فارس الدهما المجلس العام 3 12-16-2006 01:08 AM


الساعة الآن 01:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل