رد: متمم بن نويرة يرثي أخاه مالك
أشكرك كثيرا أيها الأخ الكريم،
على هذه المشاركة الشعرية الممتعة،
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك،
قصيدة سارت بها الركبان،
تلقاها حاضرة في مسامرات الأدباء والملوك،
وتعد ضمن أشجى قصائد الرثاء،
وهي القصيدة رقم (67) في اختيارات المفضل الضبي،
والمرثي هو :
مالك بن نويرة أخو متمم كان سرياً نبيلا يردف الملوك، وكان فارساً شجاعاً شاعراً مطاعاً في قومه بني يربوع بن حنظلة، وكان فيه خيلاء وتقدم، وكان ذا لُمة كبيرة، قدم على الرسول فأسلم، فولاه صدقة قومه، ثم كان ممن منع الزكاة بعد موت النبي، قتله ضرار بن الأزور في وقعة البطاح سنة (11) للهجرة، في حروب الردة، وبعد المعركة أقبل المنهال بن عصمة الرياحي في ناس من بني رياح يدفنون قتلى بني ثعلبة وبني غدانة، ومع المنهال بردان، فكانوا إذا مروا على رجل يعرفونه قالوا:: كفن هذا يا منهال فيهما ! فيقول لا ، حتى أُكفن فيهما الجفول مالكا، والجفول كثير الشعر، وبذلك كان يلقب مالك، ثم رفعت الريح شعره من أقصى القوم فعرفه فجاءه وكفنه.
ولما بلغ متمم مقتل أخيه حضر إلى مسجد رسول الله وصلى الصبح خلف أبي بكر فلما فرغ من صلاته وإنفتل في محرابه، قام متمم فوقف بحذائه واتكأ على قوسه، ثم أنشد :
نعم القتيل إذا الرياح تناوحت ::: خلف البيوت قتلت يابن الأزور
أدعوته بالله ثم غدرته ::: لو هو دعاك بذمة لم يغدر
وأوما إلى أبي بكر ، فقال : والله ما دعوته ولا غدرته، ثم أنشد :
ولنعم حشو الدرع كان وحاسراً ::: ولنعم مأوى الطارق المتنور
لا يمسك الفحشاء تحت ثيابه ::: حلو شمائله عفيف المئزر
ثم بكى وانحط على قوسه، فما زال يبكي حتى دمعت عينه العوراء، فقام عمر بن الخطاب فقال : لوددت لو أنك رثيت زيداً أخي بمثل ما رثيت به مالكاً أخاك، فقال يا أبا حفص ، والله لو علمت أن أخي صار بحيث صار أخوك ما رثيته. فقال عمر : ما عزاني أحد عن أخي بمثل تعزيته. وأراد متمم بذلك أن أخاه مالكاً قتل عن الردة غير مسلم، وأن زيدا بن الخطاب قتل شهيداً يوم اليمامة.
ولمتمم في أخيه مراثي مشهورة رائعة، وما أوردتها أخي الفاضل هي المقدمة عليهن.
وقال عمر بن الخطاب للحطيئة : هل رأيت أو سمعت بأبكى من هذا ؟ فقال : لا والله ما بكى بكاءه عربي قط و لا يبكيه.
الشرح الإجمالي للقصيدة كما ورد شرح كتاب : (المفضليات) تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر و عبد السلام محمد هارون :
أظهر متمم جلده وصبره في البيت الأول، وأشار إلى صنيع المنهال في البيت الثاني، وأبان أنه لم يقصد بشعره النوح، وإنما عمد إلى التنويه بمآثر أخيه وطيب خلاله، وأولها الإيثار والجود في الأزمات، ثم غلبته الخصوم، وأنه يملك نفسه في مجلس الشراب، ثم جلده في الحرب وإقدامه، ثم طغوة البكاء في البيت 11 وسرد ذكريات جوده وشجاعته ومروءته ، ثم عاوده الجزع والحسرة لفقد أخيه، فعزى نفسه بما تصيب المنايا من الملوك والأقيال، ثم استسقى لقبره الغوادي المدجنات التي تخضر بعدها الأرض، واستسقى الغيث لما جاور قبره من البقاع، وحياة تحية طيبة، ثم صور لنا تغير حاله بعد أخيه، وساق في حوار بينه وبين امرأة. وفخر بقوة نفسه وصبره على ريب الزمان، وذكر بعد ذلك أخلاطاً من الجزع والصبر، تكشف لنا عن أثر هول تلك الصدمة في نفسه، كما يضرب لنا في بعض الأبيات مثلاً بالنوق اللاتي فقدن حوارهن الذي يعطفن عليه، فهو أشد منهن وجدا وحنيناً.
كما يتحدث عن شماتة المحل بن قدامة بمصرع أخيه مالك، وإسراعه إلى قومه فرحاً ينعيه، وقـّرعه بأن الأيام دول، وأنه قد تنزل به الأحداث، وأنه قد شمت بمن كان يؤويه لو نابت النوائب،
ثم ختمها بالدعاء على الأعداء والشامتين.
آخر تعديل حامد السالمي يوم 10-20-2008 في 01:58 PM.
|