متمم بن نويرة يرثي أخاه مالك
هو أبو نهشل متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد اليربوعي التميمي شاعر مقتدر وصحابي جليل من أشراف قومه سكن المدينة بعد إسلامه ومن أشهر شعره رثاؤه لأخيه مالك الذي قتل مرتداً على يد خالد بن الوليد ...
يقول متمم :
لعمري وما دهري بتأبين هالـك *** ولا جَزَعٍ مِمَّا أَصَابَ فَأَوْجَعَا
لَقَدْ كَفَّنَ المِنْهَالُ تحتَ رِدَائِهِ *** فَتًى غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّاتِ أَرْوَعَا
ولا بَرَمًا تُهْدِي النِّساءُ لِعِرْسِهِ *** إذا القَشْعُ مِن حَسِّ الشِّتَاءِ تَقَعْقَعَا
لَبِيبٌ أَعَانَ الُّلبَ مِنهُ سَمَاحَةٌ *** خَصِيبٌ إذاما رَاكِبُ الجَدْبِ أَوْضَعَا
تَرَاهُ كَصَدْرِ السَّيفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدَى *** إذا لم تَجِدْ عندَ امرئِ السَّوْءِ مَطْمَعَا
ويومًا إذاما كَظَّكَ الخَصْمُ إِنْ يَكُنْ *** نَصيرَكَ منهمْ لا تكنْ أنتَ أَضْيَعَا
وَإِنْ تَلْقَهُ في الشَّرْبِ لا تَلْقَ فَاحِشًا *** على الكأسِ ذا قَاذُورَةٍ مُتَزَبِّعَا
وَإِنْ ضَرَّسَ الغزوُ الرِّجالَ رَأَيْتَهُ *** أَخَا الحربِ صَدْقًا في الِّلقاءِ سَمَيْدَعَا
وما كان وَقَّافًا إذا الخيلُ أَجْمَحَتْ *** ولا طَائِشًا عندَ الِّلقاءِ مُدَفَّعَا
ولا بِكَهَامٍ بَزُّهُ عن عَدُوِّهِ *** إذا هو لاقى حَاسِرًا أو مُقَنَّعَا
فَعَيْنَيَّ هَلاَّ تَبْكِيانِ لِمَالِكٍ *** إذا أَذْرَتِ الرِّيحُ الكَنِيفَ المُرَفَّعَا
ولِلشَّرْبِ فابْكِي مَالِكًا وَلِبُهْمَةٍ *** شَدِيدٍ نَوَاحِيهِ على مَن تَشَجَّعا
وَضَيْفٍ إذا أَرْغَى طُرُوقًا بَعيرَهُ *** وعانٍ ثَوَى في القِدِّ حتى تَكَنَّعَا
وأَرْمَلَةٍ تَمْشِي بأشعثَ مُحْثَلٍ *** كَفَرْخِ الحُبَارَى رَأْسُهُ قدْ تَضَوَّعَا
إذا جَرَّدَ القومُ القِدَاحَ وَأُوقِدَتْ *** لهمْ نَارُ أَيْسَارٍ كَفَى مَن تَضَجَّعَا
وَإِنْ شَهِدَ الأَيسارَ لم يُلْفَ مَالِكٌ *** على الفَرْثِ يَحْمِي الَّلحمَ أَنْ يَتَمَزَّعَا
أَبَى الصَّبْرَ آياتٌ أَرَاها وَأَنَّنِي *** أَرَى كلَّ حَبْلٍ بعدَ حَبْلِكَ أَقْطَعَا
وَأَنِّي متى ما أَدْعُ بِاسْمِكَ لا تُجِبْ *** وكنتَ جَدِيرًا أَنْ تُجِيبَ وتُسْمِعَا
وَعِشْنَا بِخَيْرٍ في الحياةِ وَقَبْلَنَا *** أصابَ المَنَايَا رَهْطَ كِسْرَى وَتُبَّعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا *** لِطُولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا
وكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيْمَةَ حِقْبَةً *** مِن الدَّهرِ حتى قيلَ لنْ يَتَصَدَّعَا
فإِنْ تَكنِ الأيَّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا *** فقدَ بانَ مَحْمُودًا أَخِي حينَ وَدَّعَا
أَقولُ وقدْ طارَ السَّنَا في رَبَابِهِ *** وَجَوْنٌ يَسُحُّ الماءَ حتى تَرَيَّعَا
سَقَى اللهُ أَرْضًا حَلَّها قَبْرُ مَالِكٍ *** ذهَابَ الغَوَادِي المُدْجِنَاتِ فَأَمْرَعَا
فَآثرَ سَيْلَ الوَادِيَيْنِ بِدِيْمَةٍ *** تُرَشِّحُ وَسْمِيًّا مِن النَّبْتِ خِرْوعَا
فَمَجْتَمَعَ الأَسْدَامِ مِن حَوْلِ شَارِعٍ *** فَرَوَّى جِبَالَ القَرْيَتَيْنِ فَضَلْفَعَا
فَواللهِ ما أُسْقِي البلادَ لِحُبِّها *** ولكنَّني أُسْقِي الحبيبَ المُوَدَّعَا
تَحِيَّتُهُ مِنِّي وَإِنْ كانَ نَائِيًا *** وأمسى تُرَابًا فَوْقَهُ الأَرْضُ بَلْقَعَا
تقولُ ابنةُ العَمْرِيِّ مَا لَكَ بعدَما *** أراكَ حَدِيثًا نَاعِمَ البال أَفْرَعَا
فقلتُ لها : طولُ الأَسَى إِذْ سَأَلْتِنِي *** وَلَوْعَةُ حُزْنٍ تَتْرُكُ الوَجْهَ أَسْفَعَا
وفَقْدُ بَنِي أُمٍّ تَدَاعَوا فلمْ أَكُنْ *** خِلافَهُمُ أَنْ أَسْتَكِينَ وَأَضْرَعَا
ولكنَّني أَمْضِي على ذاك مُقْدِمًا *** إذا بعضُ مَن يَلْقَى الحروبَ تَكَعْكَعَا
وغَيَّرَنِي ما غالَ قَيْسًا وَمَالِكًا *** وَعَمْرًا وَجَزْءًا بالمُشَقَّرِ أَلْمَعَا
وما غالَ نَدَمَانِي يَزيدَ وَلَيْتَنِي *** تَمَلَّّيْتُهُ بالأهلِ والمالِ أَجْمَعَا
وَإِنِّي وَإِنْ هَازَلْتِنِي قدْ أَصَابَنِي *** مِن البَثِّ ما يُبْكِي الحَزِينَ المُفَجَّعَا
ولستُ إذا ما الدَّهرُ أَحْدَثَ نَكْبَةً *** وَرُزْءًا بِزَوَّارِ القَرَائبِ أَخْضَعَا
قَعِيدَكَ أَلاَّّ تُسْمِعِيني مَلامَةً *** ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ فَيَيْجَعَا
فَقَصْرَكِ إِنِّي قدْ شَهِدْتُ فَلَمْ أَجِدْ *** بِكَفِّيَ عَنْهمْ لِلْمَنِيَّةِ مَدْفَعَا
فلا فَرِحًا إِنْ كنتُ يومًا بِغِبْطَةٍ *** ولا جَزِعًا مِمَّا أَصَابَ فَأَوْجَعَا
فلو أَنْ ما أَلْقَى يُصِيبُ مُتَالِعًا *** أوِ الرُّكْنَ مِن سَلْمَى إِذن لَتَضَعْضَعَا
وما وَجْدُ أَظْآرٍ ثَلاثٍ رَوَائِمٍ *** أَصَبْنِ مَجَرًّا مِن حُوَارٍ وَمَصْرَعَا
يُذَكِّرْنَ ذا البَثِّ الحَزِينِ بِبَثِّهِ *** إذا حَنَّتِ الأُولى سَجَعْنَ لَهَا مَعَا
إذا شَارِفٌ مِنهنَّ قَامَتْ فَرَجَّعَتْ *** حَنِينًا فَأَبْكَى شَجْوُهَا البَرْكَ أَجْمَعَا
بَأَوْجَدَ مِنِّي يومَ قامَ بِمَالِكٍ *** مُنَادٍ بَصِيرٌ بالفِرَاقِ فَأَسْمَعَا
ألمْ تَأْتِ أَخْبَارُ المُحِلِّ سَرَاتَكمْ *** فَيَغْضَبَ منكمْ كلُّ مَن كان مُوجَعَا
بِمَشْمَتِهِ إِذْ صَادَفَ الحَتْفُ مَالِكًا *** وَمشْهَدِهِ ما قَدْ رَأَى ثمَّ ضَيَّعَا
أآثَرْتَ هِدْمًا بَالِيًا وَسَوِيَّةً *** وَجِئْتَ بِهَا تَعْدُو بَرِيدًا مُقَزَّعَا
فلا تَفْرَحَنْ يومًا بنفسِك إِنَّنِي *** أَرَى المَوْتَ وَقَّاعًا على مَنْ تَشَجَّعَا
لَعَلَّك يومًا أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ *** عليكَ مَن الَّلائِي يَدَعْنَكَ أَجْدَعَا
نَعَيْتَ امْرَأً لو كانَ لَحْمُكَ عندَه *** لآوَاهُ مَجْمُوعًا لَهُ أَو مُمَزَّعَا
فلا يَهْنِئِ الوَاشِينَ مَقْتَلُ مَالِكٍ *** فقدَ آبَ شَانِيهِ إِيَابًا فَوَدَّعَا
آسف على الإطالة .....
منقووووول
التوقيع |

|
|