دور المرأة في المجتمع ... و العسكريّة !
نص حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه و كانت تحت عبادة بن الصامت
فدخل عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام فأطعمته ثم جعلت تفلّي رأسه فنام عليه الصلاة والسلام ، ثم أستيقظ وهو يضحك
قالت : ما يُضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عرضوا علي ّ غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ملوكا ً على الأسرّة - أو قال مثل ملوك على الأسرّة - شك اسحاق
قالت : فقلت : يارسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ثم وضع رأسه فنام
ثم استيقظ وهو يضحك ، قالت : ما يضحكك يا رسول الله ؟
قال : ناس من أمتي عرضوا علي ّ غزاة في سبيل الله - كما قال في الأولى -
قالت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم
قال : أنت ِ من الأولين .
فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر ، فهلكت .
التعليق :
الخلاف الحقيقي بين المسلمين ، فقهاء وعامة ، حول المرأة ، ليس بين الذين يعتقدون أن زي ّ المرأة المسلمة يسمح بظهور الوجه و الكفين من جهة
وبين الذين يرون أن هذا الزي ّ لا يسمح بظهور شيء من جهة أخرى .
فلو كان الخلاف يقتصر على هذه الجزئية لهان الأمر ، سواء ً أخذنا بهذا الرأي أو ذاك ، خاصة أن الكتب الفقهية مليئة بما يساند أحد الموقفين مع أغلبية واضحة لصالح الرأي الأول .
الخلاف الأساسي المسكوت عن طبيعته ، هو بين الذين يعتقدون أن النساء شقائق الرجال ، لهن حقوق و عليهن واجبات ، شأنهن شأن الرجال ، و أن القوامة تكليف للرجل
وليس حطا ً من قدر المرأة من جانب و بين الذين يرون أن النساء مخلوقات دون الرجال ليس لهن من دور سوى الإنجاب
لا يجب أن يتحركن من دار الأب أو الزوج إلا ّ إلى القبر " ودفن البنات من المكرمات " !
فالذين يرون الرأي الأول يذهبون إلى أنه من حق المرأة أن تتعلم إلى أقصى درجات التعلّم ، و أن تمارس وجوده الإبداع الفكري و العلمي كافة ، و أن تكون عضوا ً فعالا ً في حياة المجتمع الثقافية والسياسية
أما الذين يرون الرأي الثاني فينزعون إلى أن يحرموا عقل المرأة من كل علم وفكرها من كل ثقافة و أن يشلّوا كل ما منحها الله سبحانه وتعالى من طاقات و أمكانيات ومواهب .
والجدال بين الفريقين ، بخلاف ما يتصوّر الكثيرين ليس جدالا ً فقهيا ً بقدر ماهو نزاع نفسي / سياسي / اجتماعي / حضاري بين رجال يرون في الإعتراف
بحقوق المرأة إثراء لرجولتهم ، ورجال يرون في هذا الإعتراف إلغاء لفحولتهم .
ومثل هذا الخلاف لا ينتهي ، ولا يمكن أن ينتهي بمحاورات أو مناظرات .
النص الذي أوردته يبيّن بوضوح ما بعده وضوح كيف نظر إمام الهدى عليه الصلاة والسلام ، إلى دور المرأة في المجتمع ( والعسكريّة ! ) فرأى أنه يشمل الغزو في البحر مع الرجال
و أنا به عليه السلام من المقتدين ولو رغمت أنوف !
الحديث مع التعليق نقلته لكم من كتاب الدكتور / غازي القصيبي - رحمه الله -
تحت عنوان : ثورة في السنة النبوية و الكتاب يتحدث في سبع أحاديث نبويّة مع تعليقه عليها
حيث ذكر في المقدمة " أن هذه الجولة القصيرة في كنوز السنة النبوية ليست سوى دعوة أقدمها إلى باحثين آخرين ليقوموا بجولات أعمق و أوسع تنتهي كلها إلى الهدف المرجو
وهو أن يقتنع المسلمون الراغبون في الإصلاح - بقلوبهم لا بألسنتهم - أن في دينهم ما يُغنيهم عن إستيراد الإصلاح من الخارج ، لو انتهت الإنتقائية الإنتهازية التي يُمارس بها الدين في عالم المسلمين * انتهى .
ولو رغبتم بالمزيد حول الموضوعات الست الباقية من الكتاب ، سأدرجها بين حين و آخر للإطلاع و الإستفادة .
قراءة ممتعة أرجوها لكم .
|