بسم الله الرحمن الرحيم
إعجاز التشريع الإسلامي في منع حدوث الأزمات المالية والاقتصادية
د. كوثر الابجي
مدير مركز الإعجاز العلمي
ونائب رئيس جامعة بني سويف الاسبق
يعاني العالم حالياً من الأزمات المالية والاقتصادية المتوالية التي تؤثر على الأقتصاد المعاصر وتؤدي إلى بطء النمو الاقتصادي وتراجع الدخل القومي وانخفاض متوسط دخل الفرد وزيادة الفقر والبطالة ، وكذلك ضعف امكانيات وإنفاق الدولة على التعليم والصحة والدفاع والثقافة ، الأمر الذي يؤثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة تأثيراً حاداً.
ومن خلال نظرة مستبصرة إلى توجيهات ديننا الحنيف نجد أن ما شرعه الله لنا من تشريعات عظيمة لها السبق في حل كلب هذه المشكلات بوضع قواعد محكمة إذا طبقت بحق لم تحدث هذه الازمات جميعها ، ومن ناحية ثانية إذا حدثت الأزمات المالية والاقتصادية فتشريعاتنا الإسلامية كفيلة بالقضاء عليها وتحويل المجتمع من مجتمع الازمة إلى مجتمع الرفاهية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية . وفي هذا البحث سوف نتناول قواعد التشريع الاسلامي التي تنظم حركة وتملك الأموال سواء بتحريم بعض المعاملات أو بتقنين أحكام وإيجاب فروض كفيلة بصلاح الأمة لتكون بحق (( خير أمة أخرجت للناس)).
التشريع الإسلامي المانع من حدوث الأزمات المالية
الجانب الأول : الأزمات المالية المعاصرة وأسبابها ونتائجها . الجانب الثاني: لماذا كان التشريع المالي الإسلامي مانعاُ من لحدوث الأزمات المالية.
تعريف الأزمة المالية
هي نقص السيولة المتداولة في السوق المالي والاقتصادي بما يوقف أو يبطئ عجلة التداول ومن ثم يعرقل الاستثمار والإنتاج وقد يؤدي لتوقف البنوك عن الدفع لأصحاب الودائع وقطاعات الأعمال. وقد كانت الأزمة المالية العالمية التي بدأت سنة 2007 وبلغت ذروتها 2008 بالولايات المتحدة ثم امتدت منها للعالم كله خير شاهد على تأثير سعر الفائدة المدمر على الاقتصاديات الدولية.
أسباب حدوث الأزمات المالية المعاصرة
لقد اعتمد النظام المالي المعاصر على تقديم البنوك ائتماناً مركباً يتعاظم فيه استخدام سعر الفائدة عن طريق الاقراض المباشر لتمويل الأعمال وغير المباشر متمثلاً في المشتقات والتوريق.... الخ وتتناول الدراسة كما يلي:
( أ ) استخدام سعر الفائدة : الفائدة هنا هي الربا المحرم أخذاً وعطاءً ممثلا في فوائد الودائع باعتبارها تكلقة التمويل ، مما مكن البنوك من أكتساب الأموال وزيادتها عما ما هو متاح فعلاً باستخدام الشيكات بدلاً من نقل النقد الورقي لتخفيض حجم المخاطر ، وزاد الأمر سوءاً اعتماد النظم الحاكمة في معظم أنحاء العالم على الآقتراض من القطاع المصرفي حتى بلغت القروض السيادية للولايات المتحدة على سبيل المثال سنتي 2012 ، 2013 ما يزيد عن سقف الائتمان المسموح به مما أضطر رئيسها إلى طلب رفع سقف الائتمان لإنقاذ الحكومة من الافلاس.
( ب) استخدام أدوات مالية جديدة : وهي المشتقات Derivatives والتوريق Securitization وصناديق التحوط Hedge Funds القائمة على سعر الفائدة.
استحدث (( النظام العالمي الجديد)) معاملات مالية تساعد على تضخيم المعاملات المالية بالمشتقات والتوريق والتحوط والمستقبليات ، وتعتمد بشكل أساسي على نظام سعر الفائدة واتخاذ النقد سلعة وبيع الديون بالديون مما أدى إلى التعامل بأصول وهمية تزايدت بشكل سرطاني عشر أضعاف قيمتها حتى بلغت 692 تريليون دولار في الربع الأول سنة 2008 م ، بما يزيد على عشرة أضعاف الناتج المحلي العالمي وهو 57 تريليون دولار ، مما أدى إلى تقلص نسبة معاملات الإنتاج الحقيقي في السلع والخدمات لأقل من 3% من الاداء العالمي.
نتائج حدوث الأزمات المالية:
بعد أن أجملنا أسباب وتداعيات الأزمات المالية الحاصلة نتيجة للتعامل بالفائدة/الربا ، وتوريق الديون بها أيضاً يمكننا القول إنها أدت إلى ما يلي:
1. انهيار قيم الأصول العقارية و الانتاجية مما سبب خسائر فادحة للمتعاملين والمستثمرين.
2. انخفاض حجم الاستثمار تلاه بطء عجلة التداول وانخفاض حجم السيولة.
3. مما أدى للكساد وخروج كثير من المنتجين من السوق وتبعاً لذلك أدى لزيادة البطالة .
4. انهيار شريحة من الطبقة المتوسطة لتندرج مع الفقيرة مع ازدياد الفقراء فقراً.
5. تفاقم الديون السيادية ووقوع الأمم تحت رحمة الدائنين وضياع استقلالية القرارات السيادية.
ولم تقدم دراسة فعلية حتى الآن تقيس الآثار الحقيقة التي عانت منها دول العالم جراء تلك الأزمة ، حيث تكتمت كثير من الحكومات على الآثار الحقيقية للأزمة خاصة تلك التي تودع هي ومؤسساتها ودائع ضخمة في القطاع المصرفي الأمريكي بما أثر على مستقبل وسلامة النظم الاقتصادية والمالية والسياسة حيث نتج عن نظام الفائدة ما سمى (( بتخصيص الارباح)) على المقرضين وتعميم الخسائر على الجميع (( Privatizing Profits& Socializing Losses)) .
الجانب الثاني : التشريع المالي الاسلامي المانع لحدوث الأزمات المالية:
ويتناول هذا الجزء ثلاثة أمور ، يتصل أحدهما بتحريم الربا تحريماً قاطعاً والثاني تحريم بيع الديون بالديون والثالث بتقديم المشاركة بديلاً عن استخدام سعر الفائدة وكما يلي:
( أ )- تحريم ربا النسيئة/الفائدة على القروض والودائع : الربا هو الزيادة على أصل الدين أو القرض مقابل الاجل ، وهو ذاته سعر الفائدة على القروض والودائع والسندات وأذون الخزانة ، وقد تناول المشرع تحريم التعامل بالربا بالنهي المطلق من خلال الآيات الكريمة التالية بسورة البقرة ( 275- 279) ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275( يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (( (279)
كذلك حرم الربا في سورتي آل عمران (130-131) والروم(39) ، كما تناولت الأحاديث الشريفة اللعنة على المتعاملين بالربا.
( ب ) تحريم بيع الديون: حرم بيع الديون بالديون أو بيع النسيئة بالنسيئة لما روى الشوكاني أن الرسول صلى الله عليه وسلم- نهى في حديثه " عنن بيع الكالئ بالكالئ أو بيع النسيئة بالنسيئة ، أي الدين بالدين ، أخرجه الدارقطني وإسحق والبزار بإسناد ضعيف ، والعمل بهذا الحديث متفق عليه كما يقول الامام أحمد وفيه إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين فقوى بذلك الحديث ويؤيده ما أخرجه الطبراني عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى بيع كالئ بكالئ . والدين فقها هو المؤجل من الأموال المضمونة في الذمة ويكون في الأموال التي يغلب وجودها لكثرة أفرادها وتماثلها في الصفات بحيث يحل أحدها محل الآخر ولا تتفاوت بتغاير الذوات لأن بيع الديون بالديون بفائدة يؤدي للمعاملات الاسمية التي لا ترتبط بالاقتصاد العيني الحقيقي وهو ما أطلق عليه المعاصرون ب (( فقاعة الهواء)) التي أدت لحدوث الأزمة العالمية .
( ج ) استخدام المشاركة بديلاً عن الفائدة باعتبارها توسيعاً لقاعدة توزيع مخاطر الأعمال:
يعتمد الفكر الاقتصادي الاسلامي على قاعدة المشاركة في العائد الفعلي سواء كان ربحاً أو خسارة وهو ما يؤدي إلى قاعدة ناجحة في الفكر المعاصر مفادها توزيع مخاطر الأعمال على قاعدة عريضة من المتعاملين، فإذا دمجنا بين الفكر الإسلامي الرشيد وبين الحاجة المعاصرة للنظم المصرفية أمكننا التوصل لأفضل نظام اقتصادي ومالي إذ ينقسم المتعاملون لثلاث قطاعات : المنشأت الراغبة في التمويل ، أصحاب المصارف التجارية، مودعي المصارف التجارية ، وتتعامل هذه القطاعات الثلاثة معاً من خلال القطاع المصرفي باستخدام نسبة العائد الفعلي بدلاً من نسبة الفائدة وبذلك يتم توسيع قاعدة (( توزيع مخاطر الأعمال)) الذي يحقق النتائج الايجابية التالية:
1. انخفاض مخاطر حدوث الخسائر في الأعمال والاستثمار مما يخفض احتمالات خروج المنتجين الجادين من السوق.
2. يؤدي توزيع المخاطر على قاعدة عريضة من المتعاملين إلى تحقيق عائد مناسب لجميع الفئات المشتركة في التمويل بحيث لا تنفرد إحداها بعوائد احتكارية فتحقق إحداها عوائد محدودة وتعاني فئة ثالثة من الخسائر.
3. يقضي على حدوث الأزمات المالية الحادة التي تؤدي لضعف الانتاج والاستثمار ومن ثم البطالة والفقر.
أحكام التشريع الاسلامي المانعة من لحدوث الأزمات الاقتصادية وتأثيره:
قدم التشريع الاسلامي أعظم نظام اقتصادي يعتمد على التثمير النافع في كل صورة مع حسن توزيع الموارد بين ابناء المجتمع من خلال أوجه موارد الدولة مثل إيرادتها من ممتلكاتها والفئ والنذور والأوقاف والزكاة .. ألخ، ومن ترتيب أوجه انفاقها من خلال فقه الأولويات الإسلامية التي تنشئ سلماً بتصنيف حاجات المجتمع طبقاً للأهمية النسبية تبدأ بالضروريات ثم الحاجيات ثم التحسينات حتى تتم المحافظة على موارد المجتمع وإنفاقها فيما ينفع أبناءه وكذلك تحريم التطفيف والاحتكار والغش وأكل أموال الناس بالباطل ...ألخ.
قياس تأثير زكاة الثروة النقدية على زيادة الاستثمار:
أوجب الله تعالى في كتابه العزيز زكاة الثروة النقدية في سورة التوبة (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) )) سورة التوبة كذلك يذكر الحديث الشريف زكاة الثروة النقدية في قول النبي- صلى الله عليه وسلم- " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار".وقد أجمع المسلمون على وجوب الزكاة في الثروة النقدية غير المستثمرة ( النقد الورقي والذهب والفضة) بسعر 2,5% بالحديث الشريف " في الرقة ربع العشر" مما يؤدي لنقصان الثروة سنوياً بهذه النسبة ، مع توجيه الحديث الشريف ولي اليتيم باستثمار أمواله لإيتاء الزكاة من الربح لا من أصل المال حيث يروي الطبراني الحديث " اتجروا في مال اليتامى لا تأكلها الزكاة" وروى الترمذي "ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى نأكله الصدقه" والمراد بالصدقة الزكاة ، فأستدل العلماء على أن النبي صلى الله عليه وسلم- أمر أوصياء اليتامى خاصة والمجتمع الإسلامي عامة بالعمل على الاستثمار وتنمية الأموال لابتغاء الربح وحذر من تركه دون تثمير فتأكله الزكاة ، بل واستدل بذلك على أن المقصود دفع الأموال المكتنزة للاستثمار والتشغيل حتى يستفيد المجتمع من الموارد المالية المملوكة لأبنائه وبذلك يتضح أن زكاة الثروة النقدية تدفع النقد للاستثمار حيث يؤدي سداد زكاة النقد غير المستثمر إلى ما يلي:
1- نقص المال دون تحقيق أي جدوى اقتصادية لصاحبه أو للمجتمع.
2- رفع الميل الاستهلاكي مما يؤثر على حجم الثروة النقدية فتتناقص بشكل مستمر .
3- مما يؤثر سلباً عللى كفاءة استخدام موارد المجتمع.
4- بالإضافة إلى تأثير حبس المال عن التداول تأثيراً سلبياً شديداً على الدورة النقدية و الانتاجية في المجتمع كله.
وبذلك تحقق زكاة الثروة النقدية المميزات التالية:
1- تدفع الفائض النقدي للاستثمار دفعاً إيجابياً حتى يصبح الدخل القومي= الاستهلاك + الاستثمار بدون فائض نقدي راكد . بما يعظم قيمة الاستثمارات وهو أفضل ما يراه الاقتصاديون لتحقيق فعالية استخدام الموارد النقدية المتاحة.
2- وهذا يؤدي لزيادة إنتاج السلع والخدمات ومن ثم توفير احتياجات المجتمع وتشغيل الطاقات البشرية حلاً لمشكلة البطالة وتحقيق التنمية الاقتصادية والرفاهة المنشودة.
3- تمنع هذه الزكاة من استخدام المعدنين الثمينين استخداماً غير اقتصادي كأدوات ترف وزينة في الأواني ونحوها وتوجيههما للغرض الأصلي باعتبارهما وسيلة للتبادل ومقياساً ومخزناً للقيمة.
قياس تأثير سعر زكاة الثروة التجارية على رفع كفاءة الاستثمار:
تتميز زكاة الثروة التجارية بمقومات معينة تجعلها أداة استثمارية تحقق كفاءة مميزة لما يأتي:
1- هي استقطاع فريد يقع على صافي رأس المال النامي التجاري دون رأس المال الثابت الذي يتناقص وتستهلك قيمته.
2- سعرها نسبي ثابت على كل من الربح وراس المال معاُ فإذا نسبت للربح فقط- مثل ضرائب الدخل- لتغير سعرها بحيث يتصاعد كلما انخفض معدل عائد الاستثمار ويتنازل عندما يرتفع معدل عائد الاستثمار ، بما يمكن من استخدامها أداة لمكافأة الإدارة الكفء التي حققت عائداً مرتفعاً على الاستثمار وعقاباً للإدارة غير الكفء التي حققت معدلات عائدات متدينة عليه.
3- تم قياس الأثر الكمي لزكاة الثروة التجارية بفرض مشروع تجاري رأس ماله 100000 جنيه مصري، فإذا نسبنا الزكاة المستحقة عليه إلى عائده بدراسة الاحتمالات التالية:
( أ ) أثر زيادة معدل عائد الاستثمار مع ثبات رأس المال- على سعر زكاة العروض إذا حققت الشركة أرباحاً بمعدل طردي متزايد بنسبة ثابتة قدره 3.33%.
( ب) اثر انخفاض معدل عائد الاستثمار مع ثبات رأس المال على سعر زكاة.
( ج ) أثر زيادة رأس المال على سعر الزكاة مع ثبات معدل عائد الاستثمار بمعدل 9.8%
( د ) أثر انخفاض رأس المال على سعر الزكاة مع ثبات معدل عائد الاستثمار بنسبة 10%.
تحليل نتائج الدراسة:
1- يعتبر سعر زكاة التجارة أداة جيدة كحافز فعال لرفع كفاءة الاستثمار بتدنية التكلفة وتكبير الايراد للوصول إلى أعلى معدل استثمار ممكن يحقق أدنى سعر للزكاة مما يؤدي لرفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة وهو ما لا يقدمه أي استقطاع مالي وضعي.
2- وفوق ذلك فلا ينتقص هذا التشريع من حق الفقير من ناحية ويمثل نظام استقطاع متكامل على ثروات ودخول الأنشطة التجارية من ناحية أخرى.
حوافز تشجيع الاستثمار الانتاجي في زكاة الزرع والأنعام:
منح المشروع حوافز كثيرة لتشجيع الاستثمار في النشاط الانتاجي الذي يوفر الحاجات الأساسية من الزروع والأنعام ونتبين ذلك مما يلي:
( أ ) التخفيف في مقومات زكاة الثمر والزرع:
1- نتناول الزكاة الزرع والثمر ولا تتناول الأرض لارتفاع سعرها قياساً بقيمة الناتج منها خلافاً لباقي أنواع الزكاة الأخرى التي تقع على الثروة .
2- مراعة تكلفة الري بفرض سعرين للزكاة إما 5% أو 10 % .
3- إعفاء ثلث أو ربع المحصول بنص الحديث الشريف لعمال الزكاة " إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع" فيكون سعرها 3.66% - 6.66% بعد خصم الاعفاء.
4- يوفر إخراج الزكاة عيناً الاحتياجات الأساسية للمحتاجين ويؤدي إلى تخفيض مصروفات التوزيع التي تؤثر على كم وقدر الحصيلة لإفادة كل من المكلف والفقير معاً.
( ب ) التخفيف في زكاة الأنعام:
1- إعفاء الأنعام المعلوفة واختصاص الزكاة فقط بالسائمة.
2- إعفاء الأنعام المستهلكة خلال العام.
3- إعفاء الأنعام العاملة في الحقل.
4- سعر زكاة الشياه تنازلي يبدأ 1.25 % ( نصف سعر زكاة الثروة النقدية والتجارية) وينخفض بمعدل متناقص وسعر زكاة البقر والإبل 2.5%:.
5- نصابها العيني ضعف نصاب الثروة النقدية والتجارية .
6- ولا تضم الأنعام المختلفة مع بعضها لحساب النصاب.
حوافز الاستثمار في المقومات العامة للزكاة:
تمنح الزكاة المكلف بها حوافز كثيرة للاستثمار والتنمية من خلال المقومات العامة التالية:
1- الزكاة استقطاع مباشر لا تقع على محتاج ، أما الاستقطاع غير المباشر فيقع على الغني والفقير دون تفرقة.
2- تسمح بخصم تكلفة عناصر الانتاج الفعلية عند اعداد وعاء الزكاء.
3- تعترف بكافة احتياجات المكلف العائلية ، حيث لا تستحق إلا على ما فوقها- الفضل- بما يشمل خصم المنصرف سنوياً على احتياجات المكلف وأسرته في زكاة الثروة النقدية والتجارية ، وما تم استهلاكه هو وأسرته خلال العام من ثروة الأنعام ، وتسمح بخفض الثلث إلى ربع الحصيلة الزراعية مقابل استهلاك المكلف وأسرته والنقص الحاصل نتيجة لأكل الحيوان وجفاف الزرع.
4- إعفاء الثروة غير النامية من الزكاة :لا تقع الزكاة على الأصول الثابتة مثل الدور ولأثاث والأجهزة المستخدمة في حاجات المكلف الشخصية أو الوظيفية باعتبارها مال غير نامي.
5- ضرورة بلوغ المال حد النصاب بعد خصم ما سبق طبقاُ للحديث الشريف" انما الصدقة عن ظهر غنى" وهو ما تناولته الأحاديث الشريفة بالتفصيل لكل نوع من أنواع المال.
6- مراعاة شرط الثني أو عدم ازدواج الزكاة على نفس المال بالحديث " لا ثني في الصدقة".
7- ارتباط شكل سداد الزكاة بطبيعة العائد فإذا كان عينياً- مثل الزرع والأنعام- كان الأصل السداد العيني وإذا كان العائد نقداً( مثل التجارة) كان الأصل في السداد نقدياً.
8- ارتباط النصاب بشكل السداد فإن كان عينياً طبق النصاب العيني وإن كان نقدياً طبق النقدي.
9- يراعي شكل سداد الزكاة احتياجات الفقير ، فالزكاة العينية تقع على الضروريات التي يحتاجها في طعامه سواء كان زرعاً أو انعاماً وهي ما لا يستغني عنها أحد بما يضمن حصول الفقير على احتياجاته مباشرة من الزكاة ، وهو ما يوضح علة أخرى لسداد زكاة التجارة نقداً لأن البضاعة قد لا تناسب احتياجات الفقير وبذلك أصل سدادها نقداً وليس عيناً.
خامساً: تأثير الزكاة على التدفق النقدي:
1- يرتبط استحقاق الزكاة بمرور حول على بلوغ النصاب مما يؤدي إلى تدفق نقدي مستمر طوال العام ويمنع من حدوث الأزمات المنختلفة.
2- يستمر التدفق النقدي للزكاة عند نقص الدخول حال الركود في الأزمات ، أما الثروة فلا تتأثر بنفس القدر مما يوفر حصيلة زكاة دائمة بما يعجل بالقضاء على الأزمات إن حدثت.
3- لا تؤثر الزكاة على القدرة الاستثمارية والانتاجية للمجتمع لأنها تختص بالأصول النامية فقط و لا تقع على الثروة المعرضة للنقص أو الاستهلاك مثل الأصول الثابتة . بخلاف الضرائب المعاصرة التي يخص أغلبها بالدخول التي تتأثر في الأزمات المالية والاقتصادية بما يؤثر على قدرة الدولة على الانفاق العام ومن ثم يصعب علاج الكساد الذي يؤثر تأثيراً بالغاُ على الفقراء.
4- تؤثر ضرائب الثروة الثابتة غير النامية- مثل الضرائب العقارية على الاستثمار والانتاج حيث لا تغل ايراداً لأصحابها ، وهو ما يوضح قدر التباين بين الزكاة والضرائب تلك التي لا تفرق بين الثروة النامية وغير النامية وهي خاصية دقيقة تميز الزكاة عن ضرائب الثروة .
مزايا تطبيق المضاعف الاسلامي وبيان كيفية تجنب المؤثرات التي تحد من فعاليته:
1- باعتبار سعر الفائدة مؤثراً سلبياً على المضاعف ، فلن يوجد سواء كان فعلياً أو ضمنياً باعتباره ربا محرماً وبالتالي ينتهي تأثيره على مضاعف الاستثمار الإسلامي.
2- كذلك تستبدل الكفاءة الحدية لرأس المال بالعائد الفعلي الموزع على المودعين في المصارف وهو أداة أكثر واقعية وتعبيرا عن واقع الأعمال.
3- تؤدي زيادة الاستثمار بأموال الزكاة لزيادة إجمالي الإنفاق ، وزيادة الدخل بأكبر من زيادة الاستثمار حيث يفوق تغير الدخل على المستوى القومي تغير الدخل على المستوى القومي تغير الانفاق.
4- تنفق الدولة أموال الزكاة بتطبيق الأولويات الإسلامية لتحقيق أعلى مردود اقتصادي واجتماعي للزكاة ، فتوجه نسبة من الحصيلة للتنمية البشرية بالتعليم والتدريب بأعلى تقنيات يحتاجها المجتمع، وتوفير الحاجات الاستهلاكية للفئات العاجزة والمريضة ...ألخ بما يرفع الميل الحدي والمتوسط للاستهلاك.
5- كما يتم توفير الحاجات الاستهلاكية والإنتاجية محلياً بقدر الإمكان وإزالة العراقيل أمام القطاعات الاقتصادية المحلية حتى يمكنها الاستفادة الحقيقية من مضاعف الاستثمار ، وهو واجب في الاقتصاد الإسلامي قبل أن يكون ضرورة اقتصادية.
6- تم تأصيل المضاعف الاسلامي من حيث الفكر والمنهج العلمي بالآيات الكريمة ومن خلال نظام الزكاة الزكاة بما لا يدع مجالاً للشك في فائدة منهج تطبيقه.
7- نظام الزكاة سيادي يعتمد على قيام الدولة به بما يحقق النتائج الاقتصادية والاجتماعية نظراً لتوافر مقوماتها فيه.
8- تشمل فريضة الزكاة المجتمع الإسلامي ككل فهي ليست نظاماً فردياً بل هي نظام مجتمعي ، بما يضمن لها تحقيق التداول والسيولة التي تمنع من حدوث الأزمات.
9- كما أن الزكاة فريضة وركن من اركان الإسلام وواجبة التطبيق بالكتاب والسنة في كل زمان ومكان ولا يستطيع حاكم ولا مسئول أن ينكرها لذلك فهي مستمرة باستمرار المجتمع الإسلامي مما يضمن الاستفادة الكاملة من تأثير المضاعف الإسلامي.
10- يوفر نظام الزكاة تقسيم المجتمع لفئات مستحقة للزكاة وفئة تملك النصاب فتجب عليها الزكاة وفئة ما بين الاثنين ، وهو ما يوفر أساسأً علمياً جيداً لتطبيق المضاعف بمعرفة المتوسط المرجح لإنفاق هذه الفئات.
11- وبذلك يكون المضاعف الإسلامي أكثر واقعية إذ يعتمد على تطبيق عيوب ومشاكل المضاعف الاقتصادي ويؤدي لتحقيق الاستقرار الذي حلم به اقتصاديو القرن العشرين ومن بعدهم ، ويمنع حدوث الأزمات، ويعالجها إن حدثت في المجتمع.
مقومات نظام المضاعف الإسلامي:
أطلقت الدراسة اسم " المضاعف الإسلامي" المقترح حيث يتمتع بمقومات تختص بالمجتمع الإسلامي فقط ويجب أن تطبق كاملة حتى ينعم المجتمع بالنتائج الإيجابية للمضاعف وهي:
1- التحريم المطلق للربا/ الفائدة في الودائع والقروض بأنواعها.
2- قيام الدولة بتطبيق فريضة الزكاة بحقها وتوزيعها بحقها.
ويطبق المضاعف الإسلامي من خلال المرحلتين التاليتين:
المرحلة الأولى: تقسيم المجتمع الزكوي لثلاث فئات : الأولى مستحقو الزكاة الذين ينطبق عليهم أحد المصارف الثماتنية وتحدد نسبتهم باستخدام معيار الفقر متعدد الأبعاد ونسبة إنفاقهم ، الفئة الثانية هم المكلفون دافعوالزكاة الذين بلغت أموالهم النصاب ، الثالثة هي التي تقع بين الاثنين فلا يملكون نصابا ولا يستحقون زكاة.
المرحلة الثانية: تطبق مضاعف الزكاة عليهم من حيث الإنفاق الاستهلاكي والإنفاق الاستثماري لقياس تأثير إنفاق الزكاة على الدخل القومي ومن ثم تأثيرها على جانب التوزيع في تحسين مستوى المجتمع اقتصادياً واجتماعياً معاً.
نتائج البحث:
أثبتت الدراسة هدفها من خلال إظهار إعجاز التشريع الإسلامي الذي يمنع حدوث الأزمات المالية والاقتصادية من خلال ما يلي :
1- تحريم الربا وبيع الدين بالدين وتطبيق المشاركة لتوزيع المخاطر وبالتالي اقتسام الأرباح الفعلية.
2- تحقيق عائد مناسب لجميع الفئات المشتركة في التمويل.
3- الوقاية من مسببات الأزمات المالية التي تؤثر على الاستثمار وتؤدي للبطالة والفقر والتخلف.
4- توزيع الناتج القومي بما يوفر مستوى حياتي كريم لجميع فئات المجتمع وتمكين الفئات الأكثر فقراًمن الحصول على ضروريات الحياة.
5- توفير حوافز كثيرة لتشجيع الاستثمار الإنتاجي في زكاة الزرع والأنعام حيث منح المشروع النشاط الإنتاجي لتوفير حاجات المجتمع الأساسية من الزرع والأنعام بالتخفيف في مقومات زكاة الثمر والزرع ، والتخفيف في زكاة الأنعام، كما أنه أوجد حوافز أخرى كثيرة للاستثمار في المقومات العامة للزكاة.
6- ضمان توفير الزكاة للتدفق النقدي المستمر طوال العام بحيث يمنع من حدوث الأزمات المختلفة.
إن هذه الأمور مجتمعة تجعل من شريعة الإسلام الاقتصادية معجزة تدل على أن مصدرها رباني وأن الذي بلغنا أحكامها هو رسول من الله رب العالمين وبالله التوفيق.
المصدر : مجلة الإعجاز العلمي ، العدد 47 ، رمضان 1435 هجرية