(شاعر المليون) يهدم ما بناه الخليل
برنامج ( شاعر المليون ) يهدم ما بناه الخليل
قدر لي أن أشاهد بعض حلقات برنامج شاعر المليون ,
وقد لفتت نظري ملاحظة للدكتور غسان الحسن ؛ حيث قال لأحد المتسابقين :
" ليت أنك جعلت قصيدتك من البحر الصخري ...... "
فما هو البحر الصخري ؟!
الحقيقة أن البحر الصخري في الشعر الشعبي هو بحر الوافر ,
ولا يحق للدكتور غسان أو غيره أن يغير اسم هذا البحر العربي لمسمى آخر , لأن هذا البحر قد نظم فيه الشعراء العرب القدماء وما زال شعراء الفصيح والشعبي ينظمون فيه إلى اليوم .
وإذا نظرنا لبحور الشعر الشعبي نجد أن بعضها تنتمي لبحور الشعر الفصيح ؛ لأن لهجتنا الشعبية هي امتداد للفصيح .
فالأولى أن نسمي البحور بمسمياتها الأصلية , وتغيير مسميات البحور يجعل بعض العامة يظنون أن بحور الشعر الشعبي ليس لها علاقة ببحور الشعر الفصيح , وبالتالي تتسع الفجوة بين الفنين وكأن الأمة انسلخت من ماضيها الأدبي .
ومن أمثلة ما يسمونه بالصخري قول الشاعر الشعبي :
سقى صوب الحيا مزن(ن) تهاما ..... على قبر(ن) بتلعات الحجازي
وتفعيلاته هي :
مفاعلْتن مفاعلْتن فعولن مفاعلْتن مفاعلْتن فعولن
فقد عُصِبت التفعيلة ( مفاعَلَتن ) فأصبحت ( مفاعلْتن ) بتسكين اللام
ومن أمثلة الوافر في الفصيح :
ولست أرى السعادة جمع مالٍ ..... ولكن التقيّ هو السعيدُ
ومن خلال الموسيقى الشعرية للبيتين نجد أنهما من بحر واحد هو الوافر .
وكذلك بحر الرمل يسمونه الهجيني , ومن ذلك قول الشاعر :
اجرحيني جرح في قلبي عميق .... جرح ذكرى ما تداويه السنين
وتفعيلاته :
فاعلاتن فاعلاتن فاعلات ..... فاعلاتن فاعلاتن فاعلات
فهو من نفس بحر البيت الفصيح الذي يقول :
طائرٌ يسبحُ في جوِّ الخَيالْ في سكونٍ وهُيامِ واختيالْ
وتفعيلاته :
فاعلاتن فعلاتن فاعلات ..... فاعلاتن فعلاتن فاعلات
ويتضح جليا أن البيتين من بحر الرمل .
وأوزان الشعر الشعبي بعضها لم تتغير إلى الآن فهي نفس أوزان الفصيح , وإنما التغيير في اللغة فقط .
فالأوزان هي القوالب التي يضع فيها الشعراء شعرهم ,
وكان الجاهليون ينظمون على هذه الأوزان بالسليقة , ثم جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله- فوضع لهذه القوالب ( الأوزان ) أسماء , وسماها بالبحور , وذلك للتمييز بينها , وحتى لا تندثر الأوزان ,
وأصبح الناس يتداولون أسماء البحور بحسب ما سماها الخليل .
ثم بدأ العرب يفقدون فصاحتهم شيئا فشيئا حتى وصلوا إلى مرحلة فقدوا فيها الكثير من فصاحتهم , وعم الجهل وساد حتى أصبح الناس يتكلمون وينظمون بلهجة عامية .
ولكن قوالب الشعر موجودة كما هي , وهم ينظمون عليها أشعارهم . فأرادوا أن يميزوا هذه القوالب فسموها بمسميات شعبية من بيئتهم مثل : الهجيني والمسحوب ....... إلخ
فأصبحت هذه المسميات سائدة عندهم .
ثم جاء بعض الباحثين في زمننا هذا فأخذوا يسمون بحور الشعر الشعبي بنفس المسميات الموجودة عند الشعبيين , وكأن هذه البحور لم تكن موجودة من قبل .
والواضح أن أبيات الشعر الشعبي من ناحية بحورها تنقسم إلى قسمين :
1- أبيات تنتمي إلى بحور الشعر الفصيح مثل قول الشاعر :
تريد الهوى لك على ما تريد ... وعمر(ن ) تقضى تريده يعود
فهو من بحر المتقارب , وتفعيلاته :
فعولن فعولن فعولن فعول ..... فعولن فعولن فعولن فعول
2- وهناك بحور في الشعر الشعبي لا نظير لها في الشعر الفصيح , وهذا يعد من التجديد الشعري عند شعراء الشعر الشعبي
وخلاصة القول ؛ أن أي بحر في الشعبي له نظير في الفصيح أو مقتبس من البحور العربية القديمة ينبغي أن ينسب إلى بحره الأصلي . والأبيات التي لها أوزان مستحدثة لا مانع أن تسمى بأسماء جديدة .
ودمتم في خير وسعادة .
بقلم : رداد بن شبير الهذلي
( الموضوع غير منقول )
التوقيع |
وأنسى الذي قد كنت فيه هجرتها
كما قد تنسّي لبّ شاربها الخمرُ |
|