بئر ( عنبجه ) التاريخية بوادي ملكان >> (تقرير مصور )

أخواني في مجالس الفخر والعز والنوماس مجالس قبيلة هذيل العريقه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أضع بين أيديكم تقرير مصور من إعدادي وتصويري لأهم واقدم وأول (بير) في ديار دعد من هذيل الا وهي ( بير عنبجة التاريخية ) اتمنى أن ينال هذا التقرير استحسانكم :
تعد بئر عنبجة التاريخية من أقدم الأبار واشهرها في ديار هذيل وهي بئر حسب مايطلق عليها العامة لدينا وكبار السن ( بير هلاليه ) وطبعاً كلمة ( هلاليه ) يطلقها الناس على الشيئ القديم جداً والذي لم يتسنى لأبائهم وأجدادهم أن عاصروا وجوده نسبةً لبني هلال الذين دارت حولهم الأساطير فهم يعتبرون كل شيئ قديم جداً اسطورة هلاليه.

وبير عنبجه أو كما يسميها الناس قديماً أيضاً بإسم ( عد دعد ) أو ( بير دعد ) نظراً لأنها تقع في منتصف ديار دعد .

هذه البئر لم يعرف أحد تاريخ حفرها وبناءها فجميع من سألناه عنها من كبار السن يذكرون لنا بأن أبائهم وأجداهم أيضاً لايعرفون متى تم حفرها ومن الذي حفرها ، وكل ما سألت أحداً منهم قال لي (( هي بير هلاليه حفرت قبل مئات السنين )) ولانعلم من الذي حفرها ولكن مؤكد بأن من حفرها هو أحد أبناء قبيلة دعد من هذيل لذلك أطلق عليها ( بير دعد ) أو ( عد دعد ).

كانت بير ( عنبجة ) في قديم الزمان هي العد الوحيد لقبيلة دعد الساكنين بوادي ( ملكان ) وضواحيه وكانت ( الورّاده ) - جمع ورّاد وهم من يردون على هذا العد يتزاحمون على هذه البير نظراً لعدم توفر الماء قريباً منها وكانوا يسقون مواشيهم منها ويشربون منها .

وظلت كذلك لمئات السنين ، ولازالت هذه البير التاريخية حيه ويتوفر فيها الماء بغزارة ولازال السكان القريبين منها يسقون أغنامهم منها ويشربون من ماءها .

لقد تعهدت قبيلة ( دعد ) هذه البير بالعناية والتطوير وقاموا ببناء خزان قريب منها يرفع إليه الماء من البير ليتم السقاية منه بسهوله كما تم بناء وتجديد الأحواض القديمة التي كانوا يسقون فيها مواشيهم وقاموا بتنظيف قاعها باستمرار حتى لاتتراكم الأتربه وتسد مشارب البير وروافدها التي تسقيها .


خططت القيام برحلة لهذه البير التاريخيه وقررت ثم نفذت الرحلة بمعية ( والدي ) حفظه الله من كل مكروه لكونه خبير بالطرق المؤدية لهذه البير .

وكانت الإنطلاقة من مكة المكرمة بإتجاه ( الديرة ) ( وادي ملكان ) الشهير وهو أحد ديار دعد وذلك في يوم الخميس الموافق 26/10/1430هـ ، تجاوزنا طريق ( الحسينية ) بإتجاه الجنوب ثم عبرنا طريق ( الخواجات ) جنوب الحسينية وسلكنا طريق ( أم الراكه ) المؤدي لوادي ملكان ووادي ( ضيم ) وعند توسطنا وادي ملكان وبالتحديد بجوار ( بير الحميدية ) الشهيرة - والتي سنتحدث عنها في تقرير لاحق بإذن الله - إتجهنا شرقاً عبر طرق ترابية وجبلية وعرة متجهين نحو شعب ( عنبجه ) الذي توجد به البير الهلاليه.

تبعد بير عنبجة عن طريق أم الراكة المسفلت حوالي ( 8 ) كيلوا مترات تقريباً شرقاً عبر طريق ترابي وعر
حيث يمر الطريق عبر شعب عنبجه الشهير
الصورة التالية توضح بداية الدخول لشعب ( عنبجة التاريخي ) وسمي هذا الشعب بإسم البير التاريخية لوقوعها فيه :


يعد شعب عنبجه من أكبر الأشعب في ديار دعد وهو أحد روافد وادي ملكان ويقع بين جبال شاهقه تحيط به من الجهة الشمالية والجنوبية على طول الوادي .
وهي ( لحاليح ) عالية جداً كما يتضح من الصور التالية التي توضح إرتفاع تلك الجبال ووعورتها:






وكلمة لحاليح ( أي الجبال الشاهقة شديدة الإنحدار ) التي يصعب صعودها

يقول أحد الشعراء :
(( عنبجه شعبها أبو لحاليح ******* ماهي مطاريق للركب نزالها مستريح ))

أي أن من يسكن في شعب عنبجة يكون في مأمن من ناحيتين
الناحية الأولى من شدة سكانها وقوتهم وحمايتهم لديارهم من الأعداء ومن جانب آخر من تحصنها بين الجبال الشواهق التي يصعب عبورها .
وهذه صورة التقطتها من منتصف شعب عنبجه في طريقنا للبير :



ذكر الأخ الباحث ( الفند الضبيبي ) في بحثه الذي طرحه في مجالس قبيلة هذيل بعنوان ( هذيل في نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر ) ذكر فيه بعض المعارك التي دارت بين قبيلة هذيل وبين جيش الشريف سرور وذكر من ضمنها (غزوة عنبجة التي حدثت في سنة 1189هـ ) والتي دارت أحداثها في هذا الشعب بين قبيلة دعد والشريف سرور أنتهت بهزيمة جيش الشريف الذي استسلم قائده ورمى محرمة الأمان لقبيلة دعد .وبعض كبار السن ذكر لي بأن هذه الحرب حدثت قريب من ( بير عنبجه ).


واصلنا سيرنا عبر شعب عنبجة حتى أقتربنا من الهدف المنشود وهاهي البير تلوح لنا من بعيد كما يتضح من الصورة التاليه :


أقتربنا شيئاً فشيئاً حتى وصلنا لمكان البير التاريخية وكان منظر البير جميل جداً ترى فيها التاريخ والتراث وعبق الماضي :





أطفأت محرك سيارتي وأخذت جوالي وجعلت التقط الصور لهذه البير من جميع الجوانب
وهذه صور للبير من الخارج من عدة إتجاهات :







وكما تلاحظون فقد تم حشو الحجارة الخارجية للبير بالإسمنت في السنوات الماضية لكي تحافظ على بقاءها لأن حجارتها الخارجية كانت مثبته ببعضها بواسطة الطين فقط إلا أن عوامل التعرية أزالت الطين وأصبحت حجارتها في خطر من التساقط فقام أبناء القبيلة المجاورين للبير بوضع الإسمنت لها لمنعها من التساقط .

أقتربت أكثر من البئر وصعدت لفوهة البير وقمت بالتقاط صور للبير من الداخل وكما تشاهدون جمال البناء ودقته وإتقانه حيث رصفت البير من قاعها إلى فوهتها بالحجارة بأسلوب هندسي جميل ورائع ودقيق يحكي لنا براعة من قام ببناءها وهنا نرى بأن الحجارة الداخلية لازالت متماسكة بدون أن تثبت بالإسمنت وكما كانت عليه يوم بناءها:



ثم سلطت كاميرا جوالي لأعماق البير التاريخية فكانت مملوؤة بالمياه
وهذه صور لقاع البير ويتضح فيها وجود الماء بغزارة :





بجوار البير يوجد حوضين للماء أحدهما مملوء بالماء وتشرب منه المواشي التي تعبر هذا المكان :


والحوض الثاني قديم جداً وقد أنطمرت أجزاء كبيرة منه تحت التراب :


على بعد حوالي 20 متر نجد الخزان الخاص بالبير والذي يرفع الماء إليه من البير وهو خزان كبير.
كما تلاحظون بأن أسفل الخزان مبني بالحجارة وأعلى الخزان مبني بالطوب حيث ذكر لنا العم ( بخيت الذويبي الدعدي ) والذي صادفناه هناك وهو أحد سكان المنطقة بأن الخزان تم بناءه على مراحل المرحلة الأولى بناء قديم بالحجر والمرحلة الثانية قبل عدة سنوات وتم بناءه بالطوب وذلك بغرض تكبير حجم الخزان ليستوعب أكبر كمية من الماء وهذا واضح في الصور التالية :




عودة أخرى للبير
هنا تم تركيب محالة على البير تساعد على جذب ( دلو الماء ) من البير وهي طريقة قديمة جداً كان يستخدمها الأباء والأجداد لإستخراج الماء من قاع البير بواسطة ( الدلو ) وكانت تصنع المحالة من الخشب ثم صنعت بعد ذلك من الحديد أما ( الدلاء ) فكانت تصنع من الجلد.


إلا أن إخراج الماء من البير بهذه الطريقة عملية متعبة جداً وقد تم الإستغناء عنها هنا في بير عنبجة بهذا الماطور الصغير والذي جلبه لها العم ( بخيت ) لكي يسقي به مواشيه ويسقي به كل من وردها:



وهنا يقف والدي حفظه الله أمام البير وهو يستعيد ذكرياته القديمة مع ( بير دعد التاريخية ) الذي سقى منها قبل مايزيد على ( خمسة وخمسون عاماً ) من الآن عندما كان شاباً حسب ماذكره لي .



هنا استعاد والدي رعاه الله شريط الذكريات القديمة ولسان حاله يقول ((( زماااااااااااان ياعنبجه )))


وهنا يقوم والدي بالوضوء من خزان عنبجه بعد أن قام بجولة تفقدية لبير عنبجة وماجاورها :



ثم جلسنا تحت ظل هذه الأشجار الرائعة القريبه من بير عنبجه وأخذ والدي يسرد علي قصصاً قديمة وأحداث مرت عليه في هذا المكان الجميل .



كنت متابعاً لكل كلمة يقولها مستمتعاً بسرد صفحات تاريخ قديم له في نفسي شوق ولهفة ثم تناولنا طعام الإفطار تحت ظل تلك الأشجار شاركنا في ذلك العم ( بخيت الذويبي ) الذي سعدنا بلقاءه من غير موعد وعرفنا على نفسه ولم يكن أقل شأناً من والدي من حيث السن ومن حيث حكايات التاريخ التي عاصرها في حقبة زمنية مضت جميلة بكل لحظاتها .
هنا يتجاذب والدي أطراف الحديث مع العم ( بخيت ) وكل منهما يقص حكاياته القديمة للآخر ويقلبان صفحات الماضي الجميل وأنا أستمع لهما بكل إنصات وسرور.




بعد ذلك أكملنا جولتنا والتي تمخضت عن العديد من المفاجآت والتي سأوردها لكم في تقارير قادمة إن شاء الله
إنتظروني في تقارير قريبة قادمة مع ( رحلة أبو حمدان في وادي ملكان ) ففي جعبتي الشيئ الكثير من هذه الرحلة الرائعة ومفاجآت جميلة جداً .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته